فقلوب المؤمنین تحن إلى ما خلقوا منه، وقلوب الکافرین تحن إلى ما خلقوا منه..)(1).
لقد استفاضت النصوص فی أن الله تعالى خلق الإنسان من طین، قال تعالى: (هو الذی خلقکم من طین)(2) وقال تعالى: (وبدأ خلق الإنسان من طین)(3) وقد خلق الأنبیاء والمؤمنین من أقدس البقاع وأطهرها، ولذلک کانوا هداة وقدوة، ومنقذین ومحررین للناس، وخلق الکفار والمنحرفین من أحط بقعة وأقذرها، ومن ثمّ کانوا حجر عثرة فی تقدم الإنسان وتطویر حیاته الاجتماعیة.. وقد قضت حکمة الله تعالى أن تختلط هاتان الطینتان فیخرج منهما ما یعاکس ویباین طبیعتهما، فقد یولد من النبیین والمؤمنین بعض الشقاة والملحدین کنبی الله نوح، فقد ولد منه ضال عن الطریق، منحرف عن العدل، کافر برسالة أبیه، وقد أغرقه الله مع الکافرین؛ فأشفق علیه نوح فناجى ربه فی شأنه فأجابه تعالى: (إنه لیس من أهلک أنه عمل غیر صالح) کما أن بعض الکافرین والضالین قد یولد منهم المؤمنون والصالحون، وکان ذلک من نتاج اختلاط الطینتین کما قال الإمام (علیه السلام).
الصبر:
وحث الإمام (علیه السلام) على الصبر، قال: (الصبر من الإیمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إیمان لمن لا صبر له...)(4).
إن أعظم ما یتسلح به الإنسان أمام الأحداث والخطوب التی تداهمه هو التذرع بالصبر وإلجاء الأمور إلى الله تعالى، والرضا بما قسم، فإن ذلک جوهر الإیمان.
من أخلاق المؤمن:
وتحدث الإمام (علیه السلام) عن الصفات الشریفة التی یتصف بها المؤمن قال: (من أخلاق المؤمن الإنفاق على قدر الإقتار(5) والتوسعة على قدر التوسع، وإنصاف الناس، وابتداؤه إیاهم بالسلام علیهم..)(6).
إن من أخلاق المؤمن التوازن فی حیاته الاقتصادیة، فلا یسرف عند الإقتار، ویتوسع عند السعة، کما أن أخلاق المؤمن إنصافه للناس، حتى من نفسه فإن ذلک دلیل على ورعه، ومن أخلاقه ابتداؤه بالسلام على الناس فإنه ینم عن حسن أخلاقه، وعدم تکبره واستعلائه.
العصبیة:
سئل الإمام (علیه السلام) عن العصبیة التی هی من أخلاق الجاهلیة، فقال: (العصبیة التی یأثم علیها صاحبها أن یرى الرجل شرار قومه من خیار قوم آخرین، ولیس من العصبیة أن یحب الرجل قومه، ولکن من العصبیة أن یعین قومه على الظلم)(7) لقد حدد الإمام (علیه السلام) العصبیة الرعناء التی یأثم علیها صاحبها بهذا التحدید الرائع، وهو أن یرى الرجل شرار قومه ومجرمیهم من خیار الناس وصلحائهم، وأن یعینهم على الظلم والبغی والاعتداء، فإن فی ذلک تنکراً للحق، وسحقاً للقیم، أما حب الإنسان لقومه فإنه لیس من العصبیة فی شیء.
الاتقاء من الکذب:
وکان الإمام (علیه السلام) یحذّر أبناءه من الکذب، ویقول لهم: (اتقوا الکذب، الصغیر منه والکبیر، فی کل جد وهزل. فإن الرجل إذ کذب فی الصغیر اجترأ على الکبیر، أما علمتم أن رسول الله (صلى الله علیه وآله) قال: ما یزال العبد یصدق حتى یکتبه الله صدیقاً، وما یزال العبد یکذب حتى یکتبه الله کذاباً..)(8).
لقد حذر الإمام (علیه السلام) من الکذب فی کل شیء، لأنه من أفحش الجرائم وأکثرها مقتاً عند الله، کما أمر بالتحلی بالصدق لأنه مصدر لکل فضیلة وعنوان لکل شرف، وکرامة.
التثبت بالقول:
ودعا الإمام (علیه السلام) أصحابه إلى التثبت فی القول، وأن یکونوا على علم مما یقولونه خیراً کان أو شراً قال: (لا یقول رجل: فی رجل من الخیر ما لا یعلم إلا أوشک أن یقال فیه من الشر ما لا یعلم..)(9).
العفة:
وحث الإمام (علیه السلام) أصحابه على التحلی بالعفة، واعتبرها من أفضل أنواع العبادة قال: (إن أفضل العبادة عفة البطن والفرج)(10).
القناعة:
أما القناعة فإنها من أسمى الصفات الإنسانیة، فإذا تحلى الإنسان بها فقد استراح من هموم الدنیا قال (علیه السلام) فیها: (من قنع بما قسم الله فهو من أغنى الناس..)(11).
إن القناعة کنز لا یفنى، فمن قنع بما قسم الله فهو من أثرى الناس وأغناهم ومن أعظمهم راحة، وأقلهم همّاً.
من منجیات المؤمن:
وأدلى الإمام (علیه السلام) بما ینجی المؤمن قال: (ثلاث منجیات للمؤمن: کف لسانه عن الناس، وعن اغتیابهم، وشغله بما ینفعه لدنیاه وآخرته، وطول بکائه على خطیئته..)(12).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أصول الکافی ج 2 ص 2.
2- سورة الأنعام: آیة 2.
3- سورة السجدة: آیة 7.
4- أصول الکافی ج 2 ص 89.
5- الإقتار: ضیق المعیشة.
6- أصول الکافی ج 2 ص 241 وسائل الشیعة ج 11 ص 149.
7- أصول الکافی ج 2 ص 08.
8- أصول الکافی ج 2 ص 223.
9- عیون الأخبار لابن قتیبة ج 1 ص 275.
10- الاختصاص ص 223.
11- الفصول المهمة لابن الصباغ ص 187 جمهرة الأولیاء ج 2 ص 7 وسائل الشیعة ج 11 ص 304.
12- الدر النظیم ص 174.
موقع 14 معصوم |